جامعة دار الهدى الإسلامية: أم المدارس الإسلامية في ولاية كيرلا

 


من الحقيقة التي لا يشوبها أي شك إن ولاية كيرلا حظيت بالإسلام منذ قديم الزمان، ورضع أهلها بلبان تعاليمه وتربيوياته منذ سالف العصور. ومما لا يرتاب فيه اثنان إنها حققت المرتبة العليا في مجال العلم بعد اجتياز معضلات متنوعة ونوائب متشعبة. ومما لا يغفل منه أحد لقد كانت من عادات علمائها الأوائل كانوا يدرسون الطلاب في المساجد التي تعتبر هيكلا لعبادة الله. وفي إطار تنمية مهارات التلاميذ كانوا يقومون بانعقاد عديدا من الحفلات والبرامج الدينية نفس انعقادها في العصر الراهن. وعلى ممر الدهور أسست مؤسسة علمية وجمعية تربيوية التي ساعدت لتحقيق مصير أهداف المسلمين لإعلاء كلمة الله عبر العالم. ومن أهم المؤسسات في هذه الولاية، جامعة النورية العربية، مدرسة الثقافة السنية، وكلية الوافية،معهد الشافعية للدراسات المتقدمة، كلية دار العلوم بوزاكات إلى غير متناهية.

ولكن جامعة دار الهدى تعد مؤسسة علمية اجتماعية تقافية قد فاقت المدارس كلها في برهة من الزمن نحو سبع وثلاثين عاما. قام بتأسيس هذه الجامعة ثلة من العلماء المادية وشرذمة من العباقرة الإسلامية. تم تأسيسه سنة 1986 بأيادي الفضلاء مثل بافوتي حاجي (أحد أكابر الأطباء في عصره)، ايم ايم بشير مسليار وعيدروس مسليار (أئمة ذلك الزمن). تم بناء هذه المؤسسة في أحد مستنقع آسن على شكل كوخ هزيل. لم يخيل إلى أحد أنه سيتغير هذا الكوخ الصغير إلى مؤسسة علمية كبيرة، ويكون من أمهات المدارس الإسلامية في شبه القارة الهندية.

ثم ما زالت هذه الجامعة تنقل العلوم وتعبره من جيل إلى جيل في شتى بقاع العالم حتى تخرج منها أكثر من خمسة آلاف علماء عباقرة، وأوطئوا أقدامهم لإعلاء راية الإسلام في مختلف أنحاء الأرض. وإنما يُكَسِّرُ طلباء هذه الكلية حياتهم وجهودهم لإثراء اللغة العربية إلى غير متناهية من الولاية. والآن ينهمك أكثر من ستة آلاف تلاميذ في حصول العلم في غرفات الموارد الإسلامية في دار الهدى. يمكن للباحث أن ينظر أربع غرفات موارد الإلكترونية لتعليم الطلاب مواقع كهربائية حسب مقتضى العصر الراهن. هناك مكتبة بافوتي حاجي تلعب دورا مهما في تكثييف المعلومات، حيث توجد أكثر من خمسة مائة آلاف كتبا في شتى الفنون. يرتاد إليها وفود الطلباء من قاصي البلاد ودانيها.

لقد انتشرت أشعة نور التعاليم الإسلامي من هذه الجامعة وتعددت فروعها في ولايات مختلفة متضمنا البنغال الغربي وآسام وكرناتك وأندرا برديش ومهارشترا. كان من عادات نساء هؤلاء البلاد ما كُنَّ يقمن بستر وجوههن لدى المجتمع وكن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى وما زال الرجال يبتعدون من عبادة ربهم ومرضات مولاهم ويفرون من تعاليم الإسلام فرار الضأن من الأسد حتى أتتهم هذه الكلية وقام أعضاءها بإصلاح تلك الحالات الفظيعة، وفي قريب من الزمن صلح حالهم وأصبحوا مثلا رائعا لغيرهم.


محمد بهاء الدين الندوي: نائب رئيس دار الهدى

فإنه محمد بهاء الدين الندوي المولد في سنة 1951 في منطقة مليبار من ولاية كيرلا، جنوب الهند. أكمل دراساته الثانوية والعليا في عديد من الجامعات. من أهمها جامعة النورية العربية، ودار العلوم لندوة العلماء وجامعة عليكر وفي الفعل حصل على الدكتورة والزمالة العلمية في جامعة كالكوت. إن نائب رئيس دار الهدى يخرج من أرومة عظيمة. فإنه ولد في بيت علم وتقوى حيث كان والده يشتغل بالتعليم في دروس المساجد وذلك على نمط الدروس النبوي في مساجد القرى الإسلامية. كان والده يلقي عليه الموضوعات الإسلامية والمواد اللغوية، وكثيرا كان والده يختبره في القواعد النحوية وأنشطة تصريف الأفعال. لقد نال هذا الشيخ تشجيع أبيه على التعليم حيث أهداه قاموسا صغيرا يتضمن على ألف لفظ. لقد طالع هذا الشيخ أشعار الجهلاء والمخضرمين والمحدثين وغيرها إبان فترات تعلمه في طفولته. ثم ما بعد قام بتدريس جميع هذه العلوم المخزونة لطلاب ولايته. ومن الحقائق الناصعة عن هذا العالم إنه كان يلقي خطباته في كثير من المساجد والبرامج منذ صغره، وفي إطار ترقية لغته العربية فاز بإلقاء خطبته في حرم مساجد وهياكل مليزيا. ثم ما زال يخدم هذه الأمة كائنانائب رئيس دار الهدى من نحو عشرين سنة.


الأنشطة العلمية في هذه الجامعة

إن من الواجب على الجامعة الإسلامية أن تطلق مشروعا نوعيا يحرض طلباءها على إعلاء راية الإسلام كما أن هنالك حاجة ماسة لانعقاد برامج متتعددة واحتفلات كثيرة لترقية العلوم الإسلامية. لذا تقوم جامعة دار الهدى بانعقاد حفلات جمة ومسابقات غير متناهية بين الطلاب. من أهم المسابقات "السباق" فإنها مسابقة تنمية مهارات الطلاب ومنافسة تزويد انطباعتهم التعليمية، تعقد بين سائر فروع وأغصان هذه الجامعة مرة في سنتين. تعتبر هذه المسابقة أكبرمسابقات إسلامية في القارة آسيا. تجمع الأمة المسلمة الهندية في بقعة مليبار. وينظم عديدا من النشاطات التعليمية والتدريبات التربيوية في هذا السباق.

وصممت الجامعة أن لا تتيح للتعليم أن يجعل صاحبه منزويا عن الناس لذا تعطلهم للذهاب إلى انضمام في المؤتمرات والمحاضرات فضلا عن إرسالهم للخطبة في المساجد والحفلات وغيرها.

لا تفتئ تصدر هذه الكلية مجلات متعددة عربية كانت أو غيرها. من أهم المجلات "تلجيام" تصدر في شهرين متضمنا معلومات نافعة ومقالات شتى في اللغة المليالمية المحلية. ويجدر بذكر مجلة النهضة التي تصدر في لغة الضاد في كل شهرين، لكن مقرها أحد فروع دار الهدى المسمى ب"كلية سبيل الهداية" الواقعة في منطقة مليبار. لقد حققت هذه المجلة قبولا حسنا لدى الممالك العربية فضلا عن الدول الأوروبية. ويحرى بذكر منظمة المسماة ب"هادية" الجارية تحت هذه الجامعة. فإنها تقوم بنشر تعليمات إسلامية في القرى المسلمة في شتى القارة. لقد تم تأسيس عشرة آلاف مكاتب ومدارس بأيادي هذه المنظمة. تتعلم هنالك الصبيان والفتاة أهم القواعد الإسلامية التي لا مفر منها. وكذلك تعقد حصص متعددة لتدريس الأمهات حتى تكون أما كاملا.

يحتوي منهج دراسي هذه الجامعة على العلوم الدينية والمادية، يحاول أكثر الموضوعات لترسيخ اللغة العربية الداعمة لفهم كتاب منزل على كامل الإنسانية. حظيت تلاميذ هذه الجامعة لتحصيل أكثر الموضوعات الإسلامية من علوم التفسير والحديث والفقه والتصوف والقواعد النحوية والصرفية وأهم العلوم المادية من علم السياسة والدراسات الحضارية وغير ذلك في بقعة واحدة. يحدد يوم في الأسبوع للتكلم في اللغة العربية حتى لا يستخدم أحد وسائل التواصل التكالم إلا العربية.

فمن الظاهر ما انفكت الكلية تخدم الأمة منذ بناءها وترسيخها في الولاية ولا يوشك أن يغادر هؤلاء الاسهامات إلى يوم القيامة. تغمد الله بشآبيب رحمته كل من يعاون هذه الكلية وأثبتهم في جناته النعيم. آمين...

 

بقلم : حسنور إسلام 
طالب بجامعة دار الهدى الإسلامية ، كيرالا ، الهند

Post a Comment

أحدث أقدم