الخط: السَّطر، والخط: الكتابةُ ونحوها مما يُخَطُّ باليد، والخط: تصوير اللفظ بحروف هجائه. الجمع: خُطُوطٌ. والخط هو: فن الكتابة الجميلة التي تزين النص.
والكتابة بالخط: نقوش مخصوصة دالة على الكلام دلالة اللسان على ما في الجنان
أول من خَطَّ الخطَّ العربي- كما قال ابن عباس- إسماعيل عليه السلام، وزاد أنه كان موصولاً حتى فرّق بينه ولده. وقيل: مَرامر بن مرَّة، وأسلم بن جَدْرة، وهما من أهل الأنبار. وقيل: أول من كتب بالعربية حرب بن أمية بن عبد شمس، تعلَّم من أهل الحيرة، وتعلَّم أهل الحيرة من أهل الأنبار. ويقول ابن دريد في أمالية: عن عوانة قال: أول من كتب بخطِّنا هذا هو الجزم مَرامر بن مرَّة وأسلم بن جَدْرة الطائيان، ثم علَّموه أهل الأنبار فتعلَّمه بشر بن عبد الملك أخو أكيدر بن عبد الملك الكندي صاحب دومة الجندل، وخرج إلى مكة فتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان، فعلَّم جماعةً من أهل مكة، فلذلك كَثُرَ من يكتب بمكة ولذلك يقول رجل من كندة يمنّ على قريش بتعليم بِشْرٍ لهم: "لا تجحدوا نعماء بِشْرٍ عليكمُ فقد كان ميمون النقيبة أزهرا أتاكم بخط الجزم حتى حفظتموا من المال ما قد كان شتى مبعثرا".
- الكتابة بخط اليد تعكس شخصية الإنسان:
تكاد لا تخلو لغة من لغات العالم من أنواع الخط المختلفة، ولغتنا العربية المعروفة بغناها الفني تملك أنواعا عديدة من أساليب الخط اليدوي وضعها خطاطون مهرة تجاوزت 37 نوعاَ من خطوط الكتابة باليد.
فمن خلال خط الإنسان بات من السهل تحديد وتحليل ماهية وشخصية هذا الإنسان، عرف ذلك عندما بدأ الإنسان يحلل رسومات غيره المرسومة على جدران الكهوف، مروراً بما سمى بعد ذلك بالفراسة والتي من روادها والذين أبدعوا فيها أجدادنا العرب.
وبعد ذلك تطورت الإستقراءات وتعددت الملاحظات والتجارب والإسهامات في وضع لبنات علم الجرافولوجي، وتعريفه الحالي يعني أنه علم الشكل أو علم الرسم، وقد اعتبر علماء وباحثوا الجرافولوجي أن خط الإنسان يعرف على أنه بمثابة قراءة عملية حية وواقعية للدماغ للبشري، أو هو بتعريف آخر مشابه عبارة عن قراءة للجهاز العصبي لدى الإنسان وكذلك عبارة عن قراءة للجهاز الحركي لدى الإنسان والتي تنعكس على الورق.
لذا نجد الكثير من الأدباء والكتاب لهم طقوس خاصة يمارسونها عندما يكتبون تدل علي شخصيتهم مثل نوع القلم والورق وكيفية الكتابة – من ذلك:
أن أمير الشعراء (أحمد شوقي) كان لا يبدأ كتابة قصيدة إلاَّ إذا شرب أربع أو خمس بيضات (نيئة) في كوب، وإذا كان خارج المنزل فإنه يأخذ جولة في العربة (الكاريته) على النيل ولا يعود إلا وقد اكتملت قصيدته. ويروى عنه أنه كان يكتب على ظهر علبة السجائر بيتاً أو بيتين ثم يجلس هادئاً ويكتب أبياتاً أخرى، فلا تمضي ساعة حتى يكون قد أكمل إحدى روائعه.
- العقاد كان يكتب علي ورق غير مسطر كلماته كبيرة الحجم ولكنها منظمة ومنقطة بعناية بل ومشكلة أيضا، ومما يذكر عن عباس العقاد أنه كتب ثلاثة أرباع مقالاته على السرير، وكان يحرص على وضع طبق كبير من الفاكهة بشتى أنواعها، وكلما فرغ من كتابة مقطع من قصيدة أو فصل من كتاب أو بحث توقف وأكل من الفاكهة. ويروى عنه أنه لم يكن يكتب إلا بقلم رصاص، ولا يتركه إلا إذا صار (كعقب السيجارة)
- مصطفى صادق الرافعي كان يملي مقالاته على صديقه ومترجمه محمد سعيد العريان الذي يقول في كتابه حياة الرافعي: (وإذا كان كثير من الكتاب تزعجهم الحركة والضوضاء، فإن الرافعي - على ما في أذنيه من وقر- كان يزعجه أن يمر النسيم على صفحة خده، وكان لي منضدة صغيرة إلى جانب مكتبه حيث أجلس ليملي علي، فكان يلذّ لي أحياناً، والجو حار، أن أفتح باب الشرفة، فلا تكاد تهب نسمة بجانبه حتى يكف، وعرفت عادته هذه فكنت أغلق الشرفة والنافذة معاً، لأُصلى حر الغرفة أربع ساعات أو يزيد حتى يفرغ من إملائه).
- الكاتب الصحفي مصطفي أمين. كان يكتب في أي وقت وأي مكان، وإذا أمسك بالقلم – وكان يستخدم ريشه حبر- فلا يرفع سن القلم عن الورق إلا إذا أنهي ما يكتبه وكان خطه مقروءاً ومنظما.
- د. ذكي نجيب محمود كان يقطع الورقة التي يكتب عليها إلي نصفين فلم يحدث أن أرسل مقالا علي ورقة طويلة وكانت كلماته واضحة وسطوره خالية من الشطب.
- محمد حسنين هيكل صاحب كتاب حياة محمد، كان يكتب بالحبر ومن النادر أن يشطب فله طريقة في الكتابة يقرأ فيها همساً وبصوت غير مسموع ما يكتبه وسطوره منتظمة ولكن كلماته صغيرة وتحتاج إلي من يتعود عليها لمعرفة قراءتها.
- اللغوي العربي اللبناني الشهير إبراهيم اليازجي، كان ينظم أو ينثر واقفاً إزاء منضدة عالية كالتي توضع أمام الخطباء والورقة أمامه على درج مائل. ويروى عنه أنه كان أثناء نظمه لا يتقلقل عن مكانه إلا لمراجعة كتاب أو تحقيق لفظه، وإذا نظم البيت خطه باعتناء بالغ، وكان خطه غاية في الدقة والجمال
- توفيق الحكيم، كان يستخدم القلم الرصاص والممحاة ويكتب سطوراً منظمة وخطاً واضحا.
-إحسان عبدالقدوس، كان من أبرز عاداته في الكتابة هي دخوله صومعته (مكتبه)، وهو في كامل تأنقه، فكان يرتدى ملابسه كأنه ذاهب إلى لقاء أغلى من عنده، وكانت أمامه دائماً في البيت أو في المكتب الآية القرآنية الكريمة: "إن ينصركم الله فلا غالب لكم" (أل عمران: 160)، إذ كان يحبها ويتفاءل بها. ومن عادات إحسان عبدالقدوس أنه لم يكن يحب مراجعة ما يكتبه إلا في المسودة النهائية، ووجهة نظره أن الكتابة من أول مرة هي الكتابة الصادقة لما في قلبه وخياله، فلا يريد أن يجمل أو يزين الكلام، فكاتبنا لم يكن يعرف ما يسمى بالمسودة.
- يوسف السباعي فكان قليلا ما يكتب سطرا دون كلمة مشطوبة أو مصححة وكان يكتب بأي قلم وعلي ورق الصحف الأسمر اللون.
- الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري كان يمارس الصحافة إلى جانب عمله الأدبي، وقد أصدر جرائد عدة أشهرها (الانقلاب)، و(الرأي العام)، وكان بحكم عمله الصحفي يقضي معظم أوقاته في إدارة الجريدة التي كانت تضم مطبعتها أيضاً. ويروى أنه كان لا يستلهم الشعر إلا في جو معين من الصخب والضوضاء، وعلى صوت ماكينة الطبع وضجيج العمال.
- أحمد باكثير، صاحب رواية (وإسلاماه) عرف عنه أنه كان لا يكتب حرفاً إلا في مقهى شعبي في حي السيدة زينب، ويطلب من صاحب المقهى تشغيل الراديو بصوت مرتفع، وكان يبدع وسط هذا الضجيج.
- الكاتب الراحل أنيس منصور، كان يحرص على أن يكون في وضع الجلوس (حافي القدمين)، بينما يرتدى (البيجامة)، ويقوم باستخدام الورق الأبيض الذي لا تكون به سطور، مع مجموعة من أقلام الحبر الأسود، ذات اللون القاتم والأسنان المدببة. وكان يقوم بإعادة ما يكتبه مرات ومرات حتى يزداد وضوحاً ويصل المعنى الذي يريده سهلاً.
- نجيب محفوظ، كان يكتب علي ورق مسطر من نوع واحد لم يغيره ويكتب علي سطر دون سطر بالقلم الحبر وخطه واضح جميل ليس به شطبه واحدة .
- الشاعر الراحل محمد التهامي، كان يقول: "إن الإبداع موهبة لا تخضع للإرادة ولا للفكر، بل يفرض نفسه. وعندما أشعر بأن هناك إلحاحاً عليّ وضغطاً نفسياً أجيد الاستجابة له. وأنا أكتب في الشارع، وهو أفضل الأماكن للإبداع بالنسبة لي. وأفضّل أن أكون موجوداً بين الناس ولا أشاركهم، أجلس في المقهى أو أي مكان عام لأشاهد الناس وأتفرغ للكتابة. وكثيراً ما أجد نفسي في حاجة إلى شرب فنجان من القهوة، وأجمل قصائدي وأروعها كتبتها على المقهى".
- د. الطاهر مكي أستاذ الأدب الأندلسي، كان لا يستطيع الكتابة إلاَّ بعد التفكير طويلاً، وإلحاح الموضوع عليه في كل مكان يذهب إليه، سواء في الشارع أم في المنزل أو وهو يتحدث مع زملائه، ولا يستطيع الخروج بعنوان الكتاب أو القصيدة إلاَّ وهو في الشارع بين زحام الناس.
وكان يفضل الكتابة على ورق أبيض غير مسطر، حيث أنه يشعر أن السطور تقيده وتقيد حريته، وكان وقبل أن يبدأ كتابته يقوم بتناسي كل ما قرأه لمواجهة الموضوع خالياً من أي فكرة مسبقة، حتى أنه عندما يعود لما كتبه يتعجب كيف كتب هذا الكلام. أما في حالة ضياع ورقة في الطريق، فلا يستطيع إعادة كتابتها أبداً.
وختاما:
مشاهير عرب كتبوا بخط اليد اليسري:
عمر بن الخطاب (الخليفة الراشد الثاني). الروائي مصري الحاصل على نوبل في الآداب 1988م نجيب محفوظ كان يستخدم يده أليسري في الكتابة ورغم ذلك درب نفسه علي الكتابة باليد اليمني أيضا، وكتب نصف رواياته باليد أليسري ونصفها الأخر باليمني. ابراهيم المليفي (أديب كويتي) أحمد رمضان (صحفي وكاتب سوري). أيمن زيدان (ممثل سوري). أنطوانيت نجيب (ممثلة سورية). بسام كوسا (ممثل سوري). حمد بن عيسى آل خليفة (ملك البحرين). الدكتور داود سلوم (أديب وباحث أكاديمي). رضوان دعبول (مؤسس مؤسسة الرسالة). الأمير رعد بن زيد بن الحسين (كبير الأمناء في القصر الملكي في الأردن). زهير النوباني (ممثل أردني). سعد البواردي (أديب وشاعر سعودي). صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء السعودي). صبحي البصام (لغوي وأديب وشاعر عراقي). عبدالرحيم العكور (وزير الأوقاف الأردني السابق). الدكتور عبدالعزيز المانع (باحث وأكاديمي ومحقق سعودي). عبدالمنعم عمايري (ممثل سوري). عبير عيسى (ممثلة أردنية). عبدالغني الملاح (باحث عراقي). عصام الشنطي (محقق وخبير المخطوطات الفلسطيني). فاطمة ناعوت (كاتبة مصرية). الدكتور قسطنطين زريق (مؤرخ). الدكتورة ليلى القرشي (شاعرة سعودية). الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع (أكاديمي وباحث سعودي). نضال سيجري (ممثل سوري). نقولا ناصيف (صحفي لبناني). نور (ممثلة لبنانية مصرية، واسمها الحقيقي ماري أبو حبيب). هاني سلامة (ممثل مصري). الدكتور وليد محمود خالص (باحث وأديب عراقي).
بقلم : صلاح عبد الستار محمد الشهاوي
عضو اتحاد كتاب مصر
إرسال تعليق