نبذة عن مساهمات المسلمين في استقلال الهند
في ظل تيار العنف والتشدد، وزي من الانسجام والتحابب قضى
حكماء البريطانيين مائتي سنوات، حتى الهنديون خطروا ببالهم أنشطة التحارب
والاستقلال، فوجدوا فرصة سنيحة وقرارا مضيئا لاستقلال معهدهم من براثن الحكومة
البريطانية، حتى أصبحوا طلقاء ، وقد أخذ الهندوس والمسلمون حبلا واحدا لاستقلال
وطنهم من هجمات البريطاني الشرسة، فذهبوا مع المعاول والمطارق وانطلقوا بغضبهم
وسخطهم صارخين ملتهبين رغم حظر المانعين يمنعهم، ووقوف المستعمرين يوقفهم، حتى
باتوا حرا طلقاء مع أيديهم العارية .
وإن
من الحقائق التي لا ينزعج فيه عنزان، لقد اشترك الهندوس والمسلمون في حرب
الاستقلال سواء وبواء، ما زعزعهم أعاصف الاستعماري وما أوقفهم دفاع البريطاني حتى
تنحوا رسومهم الكراهية وطقوسهم التشاجر في الصفق الأسفل، أقبلوا وما تولوا مدبرين،
تقدموا إلى الأمام وما آلوا إلى الوراء، كلما هبت رياح العنف والتطرف من عند
القضاة الظالمين والحكماء الطامسين أوقد جمهور الهنديين مصباحا تضيئ إلى الإتحاد
والتحابب، كلما زرع البريطانييون بذرات الكره والتشاجر بائوا بالفشل .
وللأمة الإسلامية إسهامات غير متناهية، بذلوا قصارى جهودهم
وكدحوا في هذا المجال كدحا، استرهقوا دمائهم الطريئة واستوهبوا أنفسهم الغالية في
تحرير رقبة الإنسانية من أيدي الغشوم واستقلال أمة الهندية من براثن البريطاني
الظلوم، فقد جرت المقاتلة والمنازلة من 1857 إلى 1947 حتى حصل الهند على استقلاله
كاملا، بقتل آلاف من العلماء والعالمات على سبيل اللف والنشر، ففي البداية، حين ما
صمم علماء الهند أن يكشفوا القناع المسدولة من أفكار البريطانيين الفضيحة وما
يحتويه من تيار العنف والتشدد، ويرفعوا الحجاب المستورة من أعمالهم الشنيعة وما
يتضمنه من ملابس التطرف والتشاجر، قتلهم وأماتهم شر ميتة، فقد قتل تسع وعشرون آلاف
عالما بالعاصمة الهندية من 1857 إلى 1858.
ومن
الأمور التي لا تقبل أي جدال لقد أحرق أكثر من واحد وخمسين آلاف علماء لقصد حركة
آزاد هند أن يزيح الأستار عن مؤامرات القوى البريطانية، ومن الأسف الأليم والحزن
المبين أن رؤوس علماء الهندية كانت معلقة في جميع الأشجار التي تقع بين شاندي
شوك و خيبير في نيو دهلى، فرغم ما أسفر هذا القرار من نقص
وألم وخيبة ظل المسلمون في حالة تهيج غضبهم الذي لا يكاد يخفى على العالم، وقد
رسمت في أنصع صفحات التاريخية أن قائد حرب الاستقلال أشرف الله خان، أول من جمع
الأمة الهندية في حلقة واحدة، لكن أصبح
مسجونا رغم خدماته المتوقرة، فأما البريطانييون عملوا كدأب آل فرعون قتلوا
أبناء الهند واستحيوا نسائه، بل تمردوا على ذلك حتى أحرقوا 225 نساء مؤمنات في
بداية حرب الاستقلال سنة 1857، وممن لهم مساهمات متنوعة:- أشفق الله خان، خان عبد
الغفار خان، تيبو سلطان، حضرت علي، آسف علي، حضرت موهاني، بيغام حضرت موحل وغيرهم،
لو تصفحنا صفحات التاريخ لوجدنا شخصا قد زر إزاره إلى القمر، يسكن ويبيت في السجن،
يعتنق فيه أنواع التعذيب التي تسكسك أضلاعه وأعضائه، بلغه مرض أمه، فقال إن أمي
الحقيقة مصفودة مسجونة، فكيف لي أن أغادرها لأم مجازي؟ آلا وما هو إلا وزيرنا
التعليم الأول أبو الكلام آزاد، إذ أمعنّا أنظارنا في تاريخه لوجدنا أشباحا
متعددة الذين آثاروا الوطن على هواهم .
فقد أهرق المسلمون دمائهم، ألقوا أنفسهم بأيديهم إلى التهلكة لتحصيل على استقلال الهند، وعوضت عنها ثمرة الاستقلال، لكن اليوم أصبحت الملة الإسلامية عرضة لجميع أنواع التطرف في الوطن الذي شدوا الوثاق لتحرير رقبته، فمسلمو عصر الحاضر طلقاء بالنسبة إلى براثن الاستعماري لكن ليسوا طلقا، الأقلية بين تسائلات، وفي طليعتها الأقلية الإسلامية، صاروا في طريق الانتحار، فلولا دفع الناس بعضهم ببعض من المكاره والمحارم لهدمت وحدتهم وشلت جمعهم، وما يصلح هذه الحالة إلا بما صلح به أوله من مغادرة العصبية، والتخلق بالمؤانسة والانسجام .
باحث قسم الفقه وأصوله ، جامعة دار الهدى الإسلامية ، كيرالا ، الهند
إرسال تعليق