إن الفاشية هي انحصار الحكومة لدى فرد أو مجموعة أو سلطة تريد السيطرة على الآخرين، ففاشية الهند ثابتة مترسخة وأصلها ينتمي إلى أدولف هتلر قاتل بشرية وإلى مسولني سفاح مستبدّ في تاريخ العالم ثم ورثها أربابع الفاشية الهندية مودي وأمت شاه هما الآن في طريقهما منخرطان في خطات ونشاطات مناهضة للإنسانية والإخاء والتعددية، فتاريخها تاريخ قمع واستبداد وعنوانها عنوان بطش واستفزاز.
فكانت هذه السنوات الماضية التي سادها مودي وحزب بارتيا جنتا فترة قاسية انتشبت فيها الفاشية والإرهابية واحتلت هذه الجبهة الإرهابية برلمان الهند واستغلتها محطة لنشر أيديولجياتهم ولتوطين أفكارهم في قلوب شعب الهند. وقد كانت هذه الإجراءات المستنكرة من زعماء الفاشية مناقضة للمكافهات الأجداد الأمجاد الذين ألزموا مجالس البرلمان لدفع تيار الفاشية ولتقوية المودة والإخاء والعلاقات البشرية.
فجذور الفاشية الهندية عميقة ممتدة إلى أيام كانت الدولة حينذاك في نضالها من أجل الحرية ،تمت تأسيسها سنة ١٩٢٤ في قيادة حتكوار المشارك في النضال من أجل الاستقلال مع حزب المؤتمر الوطني وسجن بالبريطانية مرتين ثم تسربت الفاشية الهندية رويدا رويدا إلى سائر البلاد والقطاع حيث كانت دعايته حين تأسيسها هي أن الهندوكية ليست ديانة فقط بل إنها مادة حياة الإنسان فلا بد من وحدة الهندوكية لحفظ تراث الهند العريق. مع مضي الأعوام ومر الأيام تجمدت هذه الدعاية في قلوب أربابها لتشكيل وطن للهندوسية خاصة حتى انسحبوا من ميدان الحرب من أجل حرية الوطن وتورطوا في صراع دائم مشمرين لإتخاذ الكلمة مع كل من يرفع هتافات العلمانية نحوهم.
وتركزت الفاشية منذ تشكيلها لتفريق هذه الدولة العلمانية ولتشتيت وحدة المواطنين واتّخذت من أجلها إجراءات غير مبررة أفضت كلها إلى تأجيج الخصومة بين الناس ولتكوين فرجة واسعة بينهم مثل تنفيذ حظر كامل طوال الوطن على ذبح الأبقار من أجل قداستها مع أن بحث أمبيدكر عن الهنادكة يسلط الضوء على أنهم كانوا يذبحون الأبقار في العصر الفيدي وفق حوائجهم، ولكن رغم هذه الحقائق الناصعة همشت الفاشية بمخالبها المسمومة أجساد الأبرياء وقضى عليهم بلا هوادة بإسم قداسة البقرة مثل أخلاق المتهم على حفظ لحمها وبحلوقان المنتمى إلى هريانا شمال الهند.
فالحوادث الأخيرة التي شهدتها أيام غير بعيدة تشير بكل بنانها إلى أن الدمقراطية تكاد تندرس وتضمحل، أعوام متواصلة بات فيها المواطنون في ظروف قاسية خاصة المسلمة الأقلية، وكان رئيس الوزراء نريندرا مودي يقلد ويتبع خطوة سوركر ليلعب دورا رياديّا في تنفيذ مجزر غجرات من وراء الستار ثم ترأس على هذه الأفعال الشنيعة المبيدة لشعوب مع أنه يتحسر على الثكالى ويعرب الندامة عن الأبرياء كأنه لم يفعل شيئا باالأمس.
وإضافة إلى هذه الإجراءات ضد الإنسانية خاصة على الأقلية، جاء هذا التصريح التاريخي في أغسطس ٦ سنة ٢٠١٩ لتقطيع منطق كشمير وطرحت حقوقها المختصة إلى البعيد وألجمت كل أعمال رادعة دفاعية من قبل الأحزاب السياسية على هذا القرار وتم اعتقال رجال الذين قاموا عابسين عنه، هكذا الأمر في لكشديب أيضا حيث قامت الحكومة الهند خلال أيام قلائل ماضية.
ومن الأحداث المؤلمة لقلوب شعوب الهند الذين شغفوا حبا لإنسانية الوطيدة في أعماق قلوبهم، أمام أعيننا حاتم أنصاري رجل شدّ رحله ليقوم في طليعة قضية البابري وانسحب أخيرا من محاولته آيسا ومكتوفا أيديه قائلا بكل صراخة كنا في صراع دائم مع هذه القضية المأججة، ولكن ألعوبة الأحزاب نحوها أقلقتنا ومزقت آمالنا إنها هي ارهابية لا فكاك منها أبدا.نعم ذاك يوم قاتم عمت ملامح اليأس على كل أخضر ويابس، ذاك جرحة لا تندمل من نفوس الآلاف،في بكرة يوم احتل العداة قباب البابري وخربوا ذاك مجد تليد. وأخيرا تم حذف زعماء حركة المليبار من قائمة الشهداء بمن فيهم فاريان كناتو كونج أحمد حاجى وعلي مسليار المليباري كجزء من تنفيذ أجنْدات الفاشية الحاكمة في الوطن، هنا صعدت الفاشية برمتها رغم التحديات المتعددة من كل الجهات.
وأخيرا أضرم إصدار قوانين الزراعة الثلاثة من قبل الحكومة لاحتجاجا عارما في نيودلهي عاصمة الهند وذلك بمشاركة عدّة فلاحين بلغت تعدادهم إلي ست مئات من شتّى أرياف الهند وعجّت الضجيجات في شوارع العاصمة بتطلبات لتنسيخ القوانين الثلاثة الفادحة حتى رفعوا راية في القلعة الحمراء في العاصمة راسخين متمادين على حوائجهم. ولكن من الأسف الشديد، رغم هذه التطلبات المتوالية من الفلاحين أن الحكومة لم تتخذ أي إجراءات إيجابية لهم.
فالهند يمثل أكبر دولة دمقراطية في العالم نالت استقلالها من احتلال البريطانية سنة ١٩٤٧ مطّلعة على فجر باسم يعيش فيها أديان مختلفة لأجل الدمقراطية المنسوجة بخيوط الانسجام والالتئام، لقد مضت عدة سنوات متواصلة بعد الاستقلال بتنوع نظامها الجمهورية على المستوى العالم والآن هي آيلة للسقوط والتردي باعتلاء الحكومة الفاشية حيث نجحت في تنفيذ خططها على شكل واسع لحد أن تكون الدمقراطية نقطة فوق الماء ومداد في الأوراق. وكان دستور الهند منذ تشكيله يجري على منواله حيث إستمسك به كل من اعتلى في الكراسي السامية والمناصب المرتفعة. بل الفاشية لم تزل تسير وتصر عل تحريفه ولرسمه من جديد حسب إرادتهم. فالدمقراطية تتضمن معني جليلا واضحا هو من الشعب للشعب من قبل الشعب ولا تستحقها إلا الشعب المترضع من لبان الأخوة الجنسية والمحبة الوطنية.
بقلم : عبد الله عاشق
باحث في كلية ناتوكل مقام
إرسال تعليق