ليلة القدر خير من ألف شهر


محمد شهير مندمفرمبا

بتوفيقه تعالى بلغنا الله إلى شهر رمضان الكريم بعد أن دعا له شهرين مباركين تسمى برجب وشعبان بدعاء ورد من سيد الكونين "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان".  الشهر رمضان وصل إلينا كطل يرمض في صحراء مرداء، ومطر ينزل في بيداء جرداء، من الرحمة عشرا، ومن المغفرة عشرا، ومن العتق عشرا. وفيه نزل الفرقان، ليفرق بين الحق والبطلان. وفيه نزل القرءان إلى بني الإنسان كافة. وبه نزلت شريعة الدين، ليدعى إلى ميداء الاحسان. وفيه ليل لا مثيل ينور فيه ما بين الجديدين. ليس فيه حيران ولا فيه الا عطشان إلى الله الحنان. وظمآن الى الديان، وتضرع فيه قلوب الانسان.

إن ليلة القدر المباركة ليلة ميزانيات المخلوقات للعام القادم ليس بها تعارض ولا غول. فلنبدأ البحث من آيات القرآن: "إنا أنزلناه في ليلة القدر (١) وما أدراك ما ليلة القدر (٢) ليلة القدر خير من ألف شهر (٣) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر (٤) سلام هي حتى مطلع الفجر (٥)"

هذه السورة المشهورة تشير إلى ليلة موعودة مشهودة سجلت الوجود كلها في فرح وابتهال. وهي ليلة الاتصال والتبليغ بين الأرض والملأ الأعلى. ليلة بدأ فيها نزول القرآن على قلب محمد (صلى الله عليه وسلم). وشرع نزول شريعته عليه الصلاة والسلام. لذا كان حديثا عظيم الهيبة لم تشهد الأرض مثله في عظمته وجلالته ودلائله في حياة البشرية منذ كانت. 

والآيات القرآنية تذكر هذا الحدث العظيم.. تكاد ترف وتنير بل تفيض بالنور الهادئ الرائق الودود، نور الله المشرق بفضيلة قرآنه الكريم وفرقانه العظيم بقوله: "إنا أنزلناه في ليلة القدر".

ونور الملائكة والروح بطوال رواحهم وغدوهم بالليلة الفاخرة بين الأرض والسموات العلى بقوله:

"تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر".

ونور الفجر الذي تعرضه النصوص متناسقا مع نور الوحي ونور الملائكة وروح السلام المرفرف على الوجود وعلى الرواح السارية في هذا الوجود بقوله: “سلام هي حتى مطلع الفجر".

وقد جاء عنها ذكر في سورة الدخان: "إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين (٣) فيها يفرق كل أمر حكيم (٤) أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين (٥) رحمة من ربك إنه هو السميع العليم (٦)"

فإنه يعرف عن ليلة رمضان من قوله عز وجل فى سورة البقرة: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس ويبنات من الهدى والفرفان" وهو الذي بدأ به نزول القرآن على قلب محمد صل الله عليه وسلم. وقد ذكر العلماء آثارا كثيرا ليعلم هذه الليلة المباركة شأنها وعظمتها نصا وفصا. بعضهم يعين الليلة السابعة والعشرين من رمضان. وبعضهم يعين ليلة من ليالي العشرة الأواخر من رمضان.. وبعضهم يطلقون رمضان كله بلا فرع ولا فرق.

فاما معناه قد يكون للتدبير والتقدير . وقد يكون للقيمة والمقام. وهما يتفقان مع ذلك الحدث العظيم شأنه، الجليل برهانه. حدث القرآن وحدث الرسالة، وحدث الوحي، وليس هناك في تواريخ البشرية الكاملة اعظم مهما ولا أقوم عند التفات النظر الى أسجال التاريخ العالمي بين القراطيس والسطور طولا وعرضا.

وعند إمعان انظارنا في مهمات هذه الليلة الشريفة ان القرآن الشريف يقول عنها: “ليلة القدر خير من ألف شهر". وليلة خير من الف شهر في حياة البشر!!! وا عجباه!! ولليلة عظمة بحيث تفوق عن ادراك البشرية المفهوم من قوله تعالى: "وما أدراك ما ليلة القدر ".

وهي ليلة عظيمة الإكرام وعزيمة بالأفكار باختيار الله تعالى لبدء تنزيل القرآن. وافاضة على الوجود كله، والسلام الذي فاض من روح الله على الضمير البشري والحياة الإنسانية.

Post a Comment

أحدث أقدم